يناير 13 2016
الرياء البرلماني
زاوية تكوين/عن موقع عمان نت
بقلم داود ÙƒÙتّاب *
يقال إن Ø£Øد البرلمانات العربية كان يناقش الميزانية السنوية، وكان رأس الدولة –آنذاك- غير راض٠عن رئيس الØكومة، Ùتم الإيعاز لنائب مخضرم أن يقوم بتØليل الميزانية بهد٠إسقاطها. وعمل البرلماني طيلة الليل Ù…Øدداً البنود المزعجة بهد٠كشÙها ثم إقناع زملائه بالتصويت لرÙض الميزانية تمشياً مع رغبة صاØب القرار.
ÙÙŠ اليوم التالي، ÙˆÙÙŠ أثناء تقديم النائب كلمته الرنانة ضد الميزانية، اقترب منه شخص موثوق وهمس ÙÙŠ أذنه بأن الخلا٠مع رئيس الوزراء قد انتهى، ولذلك لا بد من Ø¥Ù†Ø¬Ø§Ø Ù…Ø´Ø±ÙˆØ¹ الميزانية. لم يعر٠النائب ماذا سيعمل، Ùقد درس الميزانية ببنودها، ووجد أنها سيئة للمواطنين، ولم يعد يستطيع أن يقنع زملاءه بتأييدها.
تنÙّس النائب الصعداء، وقرر أن يقرأ ما اضطر من أجله السهر إلى ساعة متأخرة من الليل، بما Ùيه من انتقاد قاسÙØŒ وتØليل Ù…Øكم لسلبيات الميزانية كاÙةً، لكنه ختم كلمته بتغيير بسيط، قائلاً: “بناء على ما سبق Ùإنني أوصي بتأييد الميزانية”ØŒ وتم Ùعلاً تمرير الميزانية من دون أي تغيير رغم تلك المداخلة القاسية.
قد تبدو القصة غريبة، لكنها تعكس Øقيقة لا يمكن التهرب منها هذه الأيام، ونØÙ† نستمع إلى نائب بعد نائب، وممثل عن الأمة بعد ممثلة، وكلهم يملأون الÙضاء بكلمات، وشعارات رنانة، وانتقادات جذرية، لدرجة ينتابك Ø¥Øساس عند سماعهم بأن الØكومة ستسقط، والميزانية سترÙض، وأمور المواطنين ستتعطل.
الØقيقة تقول إنه لم ÙŠÙعلن عن Øالة الطوارئ ÙÙŠ رئاسة الوزراء، ولن يتم استدعاء وزير الشؤون البرلمانية، ولم ÙŠØرك Ø£Øد ساكنه، Ùالكل يعلم بأن الكلمات ÙÙŠ البرلمان هي تنÙيسية وبداية Ù„Øملة انتخابية أو Ù…Øاولة رخيصة للمقايضة البخسة بصوتهم ليس أكثر. وغالبية النواب الذين يعارضون الميزانية ÙÙŠ كلماتهم ليس لديهم النية بالتصويت ضدها، والبرهان على ذلك ليس ببعيد. Ùلدى Ø·Ø±Ø Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø© بØكومة عبد الله النسور سمعنا خطابات مماثلة وادعاءات علنية بØجب الثقة إلا أن هولاء النواب أنÙسهم قاموا Ø¨Ù…Ù†Ø Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø© وبنسبة أعلى مما كانت الØكومة متوقعة.
إذاً لدينا رياء نيابي. وهي ليست مشكلة Ùريدة بل أصبØت أمراً طبيعياً يمكن معرÙØ© نتائجه من دون أي صعوبة، وللأس٠لا يوجد من ÙŠØاسب النواب على مواقÙهم المتناقضة مع أقوالهم. Ùلا يوجد لدينا Ø£Øزاب قوية يمكن معاقبتها ÙÙŠ الانتخابات المقبلة بناء على أداء نوابها ومواقÙهم، كما لا ÙŠØدد المواطن وجهة نظره من النواب Øسب مواقÙهم أو قراراتهم.
السياسة ÙÙ† الممكن، ولا ضير أن يقوم السياسي بتغيير رأيه لأسباب عديدة ليست بالضرورة أن تكون بريئة، لكن علينا إيجاد آلية لكي يشعر النائب أن هناك ثمناً عليه أن يدÙعه إذا لم تكن شعاراته الرنانة منسجمة مع قرارته Øالما يأتي أوان التصويت عليها.
لا تبدو قصة النائب، الذي Ùنّد ميزانية بلاده، ثم أوصى بالتصويت لصالØها غريبة علينا، بل ربما Øدثت هذه القصة ÙÙŠ الأردن سابقاً، ولم يتغيّر الواقع مع مرور كل هذه السنوات، رغم توÙر وسائل إعلام تقدم -لمن يرغب- إمكانية معرÙØ© ما يقوله ممثله تØت القبة، وملاØظة سعة الهوة بين هذه الأقوال وبين تلك القرارات التي لا تتناغم معها.
* داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المØطات التلÙزيونية والإذاعية ÙÙŠ Ùلسطين والأردن والعالم العربي.
أرسل تعليق
يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .