يناير 28 2008
غزة آنذاك والآن
28/1/2008
داود كتاب
Øين غرق قطاع غزة ÙÙŠ الظلام أثناء الأسبوع الماضي نتيجة للØصار الذي Ùرضته إسرائيل على الوقود، اندهش العديد من الناس ÙÙŠ أنØاء العالم. بيد أن التÙاؤل الذي تولد نتيجة لمؤتمر أنابوليس للسلام، والذي تضمن الوعد الذي أطلقه الرئيس جورج دبليو بوش بالتوصل إلى اتÙاق أثناء العام 2008 لتأسيس دولة Ùلسطينية، لم يكن واقعياً على الإطلاق.
إن النظرة إلى غزة تتأسس عادة على التأييد الساØÙ‚ الذي تØظى به Øماس هناك، إلا أن الواقع مختل٠تمام الاختلاÙ. إذ أشارت استطلاعات الرأي التي أجريت ÙÙŠ غزة بواسطة مجموعة الشرق الأدنى الاستشارية ÙÙŠ أواخر نوÙمبر/تشرين الثاني 2007ØŒ إلى أن 74% من السكان يؤيدون عقد اتÙاقية سلام مع إسرائيل. كما أكدت استطلاعات الرأي ذاتها أن 15% Ùقط من سكان قطاع غزة قد يصوتون لانتخاب Ø£Øد أعضاء Øماس ÙÙŠ البرلمان أو ÙÙŠ انتخابات رئاسية، مقارنة بØوالي 55% لمرشØÙŠ ÙتØ. وقد Øظيت عملية السلام ÙÙŠ أنابوليس بتأييد 81% من سكان غزة.
كان لغزة، مثلها ÙÙŠ ذلك كمثل العديد من المناطق ÙÙŠ هذا الإقليم، تاريخ طويل من الاØتلال الأجنبي يمتد إلى العصور القديمة. ÙÙÙŠ العام 1949 انتهت الØرب بين إسرائيل والعرب باتÙاق هدنة قَسَّم Ùلسطين إلى ثلاثة أقسام، كل منها تØت إدارة سياسية منÙصلة. Ùطوقت إسرائيل أكثر من 77% من المنطقة، وتÙـرÙÙƒ Øكم القدس الشرقية والضÙØ© الغربية للأردن، وكانت غزة تØت سيطرة مصر. أما الدولة العربية الÙلسطينية التي تصورتها خطة التقسيم التي اقترØتها الأمم المتØدة ÙÙŠ العام 1947ØŒ والتي كان من المÙترض أن تتضمن غزة، Ùلم تتأسس قط.
كانت التنمية الاقتصادية ÙÙŠ قطاع غزة Ù…Øدودة تØت الØكم المصري، كما تØملت المنطقة عبء استيعاب اللاجئين الÙلسطينيين الÙارين من القتال الدائر ÙÙŠ القسم الجنوبي من Ùلسطين تØت الانتداب، والذي تØول بعد ذلك إلى إسرائيل. وكان دخول الÙلسطينيين إلى مصر مقيداً، واعتمد القسم الأعظم من العمال غير المهرة ÙÙŠ غزة على إدارة أعمال الإغاثة التابعة للأمم المتØدة، والتي عملت على بناء وصيانة معسكرات اللاجئين المØلية.
ثم اندلعت Øرب 1967 التي انتهت إلى وضع كل Ùلسطين بØدودها أثناء الانتداب (علاوة على سيناء والجولان) تØت الاØتلال العسكري الإسرائيلي. ورغم إغلاق ثلث مساØØ© الضÙØ© الغربية ÙÙŠ وجه الÙلسطينيين بهد٠إÙØ³Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¬Ø§Ù„ أما بضعة آلا٠من المستوطنين اليهود، إلا أن 10% Ùقط من سكانها، وكان أكثرهم من القرويين، كانوا من اللاجئين، Øيث كان العديد منهم يملكون أراضيهم، وكانت Ùرص العمل هناك متاØØ©. ÙˆÙÙŠ المقابل، يتأل٠70% من تعداد سكان غزة من اللاجئين، الذين عاشوا تØت ظرو٠عصيبة ÙÙŠ عدد من معسكرات اللاجئين، وكانوا يعتمدون إلى Øد كبير على العمل ÙÙŠ إسرائيل. ÙˆÙÙŠ وقت من الأوقات كان أكثر من مائة وخمسين ألÙا من سكان غزة يعبرون نقطة تÙتيش إيريز إلى إسرائيل يومياً.
كان الÙقر ÙÙŠ غزة بمثابة أرض خصبة لنمو التعصب الإسلامي. وكان الشيخ Ø£Øمد ياسين، اللاجئ المشلول، من قرية جورا (تقع الآن على الساØÙ„ الجنوبي لإسرائيل)ØŒ يعمل بهدوء لتأسيس Øركة شعبية تØت المواÙقة الضمنية من جانب الجيش الإسرائيلي، الذي سعى إلى تشجيع إيجاد بديل لمنظمة التØرير الÙلسطينية. ولكن مع انتÙاضة 1987 أعلن أنصار ياسين تأسيس Øركة المقاومة الإسلامية. اشتهرت الØركة باختصارها ÙÙŠ اللغة العربية (Øماس)ØŒ ثم تناÙست هذه الجماعة تØت زعامة ياسين مع الجماعات العلمانية المنتمية إلى منظمة التØرير الÙلسطينية باÙتعال هجمات غير متقنة التنÙيذ على المستوطنين اليهود واختطا٠الجنود الإسرائيليين.
ورغم أن انتÙاضة 1987 Ø£Ùضت ÙÙŠ النهاية إلى عملية السلام ÙÙŠ أوسلو وعودة قيادات منظمة التØرير الÙلسطينية، إلا أنها أخÙقت ÙÙŠ تأسيس اقتصاد Øقيقي ÙÙŠ غزة. Ùقد تجلت التدÙقات المالية إلى السلطة الÙلسطينية الجديدة ÙÙŠ البنايات السامقة التي أنشأتها السلطة للتغلب على مشكلة الازدØام. وكانت الجماعات غير المنتمية إلى السلطة الÙلسطينية، مثل Øماس، تØصل على الأسلØØ© ÙÙŠ أكثر الأØوال بشرائها من الجنود الإسرائيليين أو من السوق السوداء ÙÙŠ إسرائيل. ثم ÙÙŠ وقت لاØÙ‚ØŒ وبعد انسØاب إسرائيل من غزة، كانت الأسلØØ© والذخائر والأموال تأتي مهربة عبر الأنÙاق من سيناء.
وأثناء الانتÙاضة الÙلسطينية الثانية، التي اندلعت ÙÙŠ العام 2000ØŒ استخدمت Øماس أسلØتها ومتÙجراتها لمهاجمة الإسرائيليين وخلق كيان صغير خاص بها. ولكن كلما صعدت Øماس وغيرها من هجماتها على الإسرائيليين، كانت إسرائيل تزيد من تضييق الØصار على غزة.
وأصبØت البطالة والÙقر من الأسباب التي سمØت بتأسيس الÙصائل المسلØØ©ØŒ والعصابات، وأباطرة الØرب – وهو التطور الذي تÙاقم بعد النصر الانتخابي الذي Ø£Øرزته Øماس ÙÙŠ العام 2006ØŒ والذي أسÙر عن Øصار دولي أدى إلى انقطاع رواتب موظÙÙŠ الخدمة المدنية بين عشية وضØاها.
نظراً لكون أكثر سكان غزة من اللاجئين، Ùقد كانت جذورهم الاجتماعية ضعيÙØ©. أما الØاصلون منهم على تعليم جامعي Ùقد رØلوا للعمل إما ÙÙŠ الضÙØ© الغربية أو ÙÙŠ دول الخليج، بينما تØولت الجماعات المسلØØ© ÙÙŠ غزة إلى عنصر جذب لأكثر الشباب – Øيث ÙˆÙرت لهم العمل الوØيد الذي يجيدونه والذي منØهم السلطة والقوة. Ùانضم الرجال المسلØون إلى ÙتØØŒ أو Øماس، أو العديد من الجماعات الأخرى والجماعات الÙرعية والعشائر مثل عائلة دغمش (التي اختطÙت ألان جونستون الصØاÙÙŠ العامل لدى البي بي سي)ØŒ والتي تضم عدة مئات من الأعضاء المستعدين للقتل ÙÙŠ مقابل المال.
من Ø§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù† الزخار٠الزائÙØ© التي تØلت بها الدولة التي ظهرت إلى الوجود كجزء من عملية أوسلو للسلام لم تتمخض إلا عن أقل القليل من التغير الملموس بالنسبة للÙلسطينيين. Ùقد Ø£ØµØ¨Ø Ù„Ù‡Ù… رئيس منتخب (الذي ظل Ù…Øاصراً ÙÙŠ مقره Ù„Ùترة من الزمن)ØŒ وبرلمان ÙˆØكومة (لم يكن أعضاء البرلمان ووزراء الØكومة يتمتعون بØÙ‚ المرور من غزة إلى الضÙØ© الغربية)ØŒ وجوازات سÙر (كانت أرقامها لابد وأن تÙـدخَل إلى الØاسبات الآلية الإسرائيلية). إلا أنهم لم ÙŠØصلوا على السيادة الØقيقية، التي لا يمكن تصور أي تØسن Øقيقي مع الاÙتقار إليها.
إن تاريخ قطاع غزة، علاوة على تبخر التأييد الذي كانت Øماس تØظى به هناك، يشير إلى أن دمج واستيعاب أهل غزة ÙÙŠ الØياة الÙلسطينية العادية لن يكون بالأمر الصعب. إلا أن ذلك يشير أيضاً إلى أن إبقاء الØصار الØالي لن يؤدي إلا إلى معاقبة أكثر السكان المØبين للسلام، وتعزيز قبضة أسوأ العناصر ÙÙŠ غزة على المجتمع والØياة العامة هناك.
داود كتاب صØاÙÙŠ Øائز على عدة جوائز، وأستاذ الصØاÙØ© بجامعة برينستون.
خاص بالغد بالتنسيق مع بروجيكت سنديكيت، 2008.
www.project-syndicate.org
ترجمة: هند علي
أرسل تعليق
يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .